أهلا بك .. والمنتدى وأهله تشرفوا بوجودك بينهم..
فيك معانا في منتدانا.. بين اخوانك واخواتك الأعضاء
نتمنى لك طيب الإقامة وقضاء وقت مُمتع ولحظات سعيدة بصحبتنا .. بإذن الله
المدير العام
محمد فيصل عبد السلام

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أهلا بك .. والمنتدى وأهله تشرفوا بوجودك بينهم..
فيك معانا في منتدانا.. بين اخوانك واخواتك الأعضاء
نتمنى لك طيب الإقامة وقضاء وقت مُمتع ولحظات سعيدة بصحبتنا .. بإذن الله
المدير العام
محمد فيصل عبد السلام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    الآشوريون بعد سقوط بلاد أشور

    kago
    kago
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 391
    نقاط : 27007
    تاريخ التسجيل : 29/03/2010
    العمر : 34

     الآشوريون بعد سقوط بلاد أشور  Empty الآشوريون بعد سقوط بلاد أشور

    مُساهمة  kago السبت يوليو 24, 2010 1:19 am

    تأليف: البروفيسور سيمو باربولا / عالم الآشوريات / جامعة هلسنكي.
    قُدِّم البحث في المؤتمر القومي الآشوري في لوس أنجلس 4 أيلول 1999.
    الترجمة من الإنكليزية: زكُاي نينوايا / طالب ماجستير في عالم الآشوريات.



    في سنة 612 ق. م. وبعد حرب أهلية مطولة استطاع البابليون والميديون المخضعون سابقا لبلاد أشور أن يقهروا ويدمروا نينوى عاصمة الإمبراطورية الآشورية في العهد الآشوري الحديث، وتلاشت المدينة العظيمة في لهيب من النيران ولم تستعد منزلتها السابقة أبدا. بعد ذلك بثلاث سنوات قام نفس المتمردون ثانيةبتدمير العاصمة الآشورية الغربية "حرُان" ساحقين بذلك آخر خندق للمقاومة لملك بلاد آشور الأخير أشور اوبَلُيط الثاني. هذا الحادث ختم مصير الإمبراطورية الآشورية، وهنا ينتهي عادة عهد الآشوريين في الكتب التاريخية.

    ماذا حدث للآشوريين بعد سقوط بلاد أشور؟ هذا التساؤل المستعصي الإجابة عليه لسببين:
    أولا: قلّما لمس علماء الآشوريات هذه المسألة، حيث يبدو أن اغلبهم يتفقون، وبدون الإدلاء علناً، مع الفكرة القائلة بأن الآشوريين قد أبيدوا عن بكرة أبيهم كما ذٌكر سابقا من قبل سدني سمث في عام 1925 "إن زوال الشعب الآشوري سيبقى دائما ظاهرة فريدة وملفتة للنظر في التاريخ القديم. ممالك وإمبراطوريات أخرى مماثلة قد توارت حقا ولكن الشعب استمر في الوجود ... لم يُسلَب وينهب أي بلد آخر على ما يبدو بالصورة الكاملة كما حصل لبلاد أشور".
    ثانيا: على خلاف وفرة المعلومات عن فترة الإمبراطورية فإن المعلومات عن بلاد أشور والآشوريين فيما بعد عهد الإمبراطورية هي ضئيلة ومبعثرة، فالافتقار الكامل تقريبا للمعلومات عن بلاد أشور ذاتها يبدو مؤازرا لفكرة الإبادة الجماعية، والتي تبدو أيضا معززة بإفادات شهود العيان القدماء. حين مرَّ المؤرخ الإغريقي زينوفون بعد 200 سنة من سقوط نينوى خلال قلب الوطن الآشوري وزار موقعي مدينتين آشوريتين عظيمتين لم يجد إلا الخراب ولم يتمكن من استرجاع إلا معلومات قليلة عنهما من القرويين في المناطق المجاورة. ولكون الإقليم حيث موقع هاتين المدينتين المهجورتين كان آنذاك تابعا للميديين، فافترض الإغريق بأن سكانهما الأوائل كانوا ميديون على نفس الغرار، ولكن مع ما ذكرنا سابقا فأنه من الواضح بأنه لم تحصل على الإطلاق مذبحة جماعية لكل الآشوريين.
    حقا أن بعض المدن العظيمة لبلاد أشور كانت قد دُمِّرت ونٌهبت بصورة تامة – والتنقيبات الأثرية تؤكد هذا – ولقد جرى بالتأكيد بعض الترحيل وذٌبح جزء كبير من النبلاء الآشوريين من قبل الغزاة. ولكن بلاد أشور كانت على أية حال واسعة ومكتظة بالسكان فخارج بعض المراكز الحضارية المُدَمِّرة استمرت الحياة كالمعتاد. هذا الأمر قد أُثبت باكتشاف حديث لأرشيف يعود لفترة ما بعد الإمبراطورية في العاصمة الإقليمية دور – كَتليمّو على نهر الخابور والذي يحتوي على وثائق تجارية مكتوبة بالخط المسماري الآشوري لأكثر من عقد من الزمن بعد سقوط نينوى. وبغض النظر عن حقيقة كون هذه الوثائق قد أٌرِّخَت بعهد حكم الملك البابلي نبوخذنصر الثاني فأنه ليس من شئ في صياغتها أو هيئتها ما يدل على عدم كونها مكتوبة في عهد الإمبراطورية الآشورية. أرشيف آخر صغير تم اكتشافه في مدينة أشور مكتوب بخط مسماري غير معروف سابقا، ومن المحتمل النوع المانوي Mannean)) من الخط المسماري، يثبت بأن الصاغة الآشوريون كانوا لا يزالون يعملون في المدينة في عهد ما بعد الإمبراطورية على الرغم من كونها الآن تحت السيطرة الميدية.

    علاوة على ما ذكرنا سابقا فقد تم حديثا تعيين هوية أكثر من مئة آشوري ذوي أسماء آشورية بحتة في وثائق اقتصادية من عدة مواقع بابلية مؤرخة ما بين 625-404 ق.م. ومما لاشك فيه أن العديد من الآشوريين الآخرين سيتم تحديد هويتهم في وثائق كهذه. نحن لا نعلم فيما إذا كان هؤلاء الناس عبارة عن مُرحلَّين او مهاجرين من بلاد أشور ، أو ربما استوطنت عائلاتهم مسبقا في بلاد بابل أثناء الحكم الآشوري، أنهم وبأية حال يثبتون بصورة مطلقة بقاء العديد من الآشوريين على قيد الحياة بعد سقوط الإمبراطورية واستمرارية الهوية والديانة والحضارة الآشورية في فترة ما بعد الإمبراطورية. العديد من هذه الأسماء تتضمن في تركيبها الاسم المقدس أشور، وبعض هؤلاء الأشخاص المعنيين احتلّوا مناصب عالية جدا حيث أن أحدهم بان-أشور-لومور كان أمين سر لولي العهد قمبيز أثناء حكم كورش الثاني سنة 530 ق.م.

    أسماء آشورية أخرى وجدت في النصوص الآرامية والإغريقية في الفترة اللاحقة في مدينة أشور والحضر ودورا اورويوس وتدمر وأستمر ورودها حتى بداية العهد الساساني. هذه الأسماء يمكن التعرق عليها من خلال أسماء الآلهة الآشورية التي تدخل في تركيبها، ولكن بينما كانت المكونات البقية للاسم هي أكدية بصورة سائدة، فأن هذه المكونات هي الآن وعلى وجه الحصر آرامية. كل هذا مقرونا مع الخط واللغة الآرامية للنصوص يبين بأن آشوريي تلك العهود المتأخرة لم يعد يتكلموا الأكدية كلغة الأم. أما فيما يخص جميع النواحي الأخرى فقد استمروا بنفس تقاليد فترة الإمبراطورية. ففي مدينة أشور استمرت عبادة الآلهة أشور وشيروّا وعشتار ونانايا وبيل ونابو ونركال حتى أوائل القرن الثالث الميلادي على الأقل. التقويم الديني المحلي كان عينه في عهد الإمبراطورية، ومعبد الإله أشور كان قد تم ترميمه في القرن الثاني الميلادي، والنُصب التذكارية للحكام المحليين تشبه تلك التي تعود للملوك الآشوريين في العهد الإمبراطوري. أنه جدير بالإشارة بأن العديد من الأسماء الآرامية الواردة في النُصب التذكارية التي تعود لفترة ما بعد الإمبراطورية وكذلك الكتابات على الجدران في مدينة أشور هي عينها واردة قبل ذلك بـ 800 سنة في النصوص من العهد الإمبراطوري في الموقع نفسه.

    إن مدينة أشور لم تكن على الإطلاق المدينة الوحيدة حيث تمكنت الديانة وطقوس العبادة الآشورية من البقاء والاستمرار بعد سقوط الإمبراطورية، فقد تم في أواسط القرن السادس ق.م. ترميم معبد سين، إله القمر العظيم لحرُان، من قبل المك البابلي نابونيد (Nabonidus)، وكذلك فإن الملك الفارسي كورُش يدعي بأنه أعاد عشتار نينوى إلى معبدها الأصلي في مدينة نينوى. المصادر الكلاسيكية تشهد على استمرارية طقوس العبادة الاآشورية في مدن سوريا الأخرى حتى نهاية العصور السابقة للقرون الوسطى، ففي حُران استمرت عبادة سين، نكُال،بيل، تموز وآلهة آشورية أخرى حتى القرن العاشر الميلادي والمصادر الإسلامية لا تزال تشير الى ذلك. نماذج من الكهنة الآشوريين بقبعاتهم المخروطية الطويلة المميزة وردائهم الطويل المميز تم رسمها على عدة نٌصب تذكارية إغريقية-رومانية في شمال سوريا وشرق الأناضول.

    يبدو إن ما نعرفه عن الوضع السياسي لبلاد أشور في العقود اللاحقة لسقوطها هو شئ ضئيل، ولكن يبدو أيضا إن الجزء الغربي للإمبراطورية وحتى نهر دجلة سقط في حوزة البابليين، بينما المناطق الشرقية وما وراء نهر دجلة ومن ضمنها قلب بلاد أشور، شمال مدينة أشور، أصبحت تحت الحكم الميدي، أثناء حكم الإمبراطورية الأخمينية شكلت المناطق الغربية التي تم ضمها الى بابل مرزبانية سُمِّيت آثورا (وهي تسمية آثور المقتبسة من الآرامية الرسمية المتداولة في عهد الإمبراطورية وتعني بلاد أشور)، بينما دمج قلب أشور ضمن مرزبانية مادا (التسمية الفارسية القديمة لـ ميديا). كلتا المرزبانيتين دفعتا إتاوة سنوية وساهمتا برجال للحملات العسكرية ومشاريع البناء لملوك الفرس، فالجنود الآشوريين اشتركوا في البعثة العسكرية للملك أحشَويرُش ضد بلاد الإغريق سنة 480 ق.م. طبقا لهيرودوتس، وساهم الآشوريون من آثورا ومادا في بناء قصر داريوس في سوسة سنة 490 ق.م. حيث ان الآشوريين من مرزبانية ميديا هم اللذين أنجزوا أعمال الذهب وصقل البلاط، بينما قام آشوريو مرزبانية آثورا بتزويد البلاط بالخشب من جبل لبنان. ومن المٌلفت للنظر في الترجمة البابلية للنقش الفارسي يترجم اسم آثورا في هذه المرحلة بـ (أبير ناري) أي الأرض ما وراء النهر (الفرات). هذا يدل على إن النصف الغربي من الإمبراطورية الاشورية (الذي كان في الأصل آراميا) كان قد أصبح في هذه الفترة مماثلا تماما لبلاد أشور ذاتها، وهذه مسألة مهمة سنعود اليها فيما بعد.

    هكذا نرى إن بلاد أشور في عهد الأخمينيين، رغم كونها مشطورة إلى قسمين، كانت قد عادت وبزغت ثانية كوحدة سياسية ذات قوة عسكرية واقتصادية هائلة. ففي سنة 520 ق.م. اشتركتا كل من آثورا ومادا في الثورة ضد داريوس بهدف إعادة اكتساب حريتهما، هذه الثورة كان مصيرها الفشل، ولكن "الإمبراطورية الآشورية" كانت بالأحرى قد أعيد تأسيسها من جديد. وفي الحقيقة، ومن التحليل النهائي، فأنها لم تٌدَمَّر على الإطلاق ولكنها غيرت النظام الحاكم فقط الى السلالة الحاكمة البابلية والميدية أولاً ثم الى السلالة الحاكمة الفارسية ثانياً.

    يتبع....

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 11:58 am